في عالم الطب، يُعتبر الصرع من أكثر الأمراض العصبية التي تُحاط بالالتباس، خصوصًا حين يُخلط بين أسبابه العضوية والنفسية أو الروحية. وبينما تؤكد الدراسات العلمية أن أغلب حالات الصرع تعود إلى اضطرابات في الدماغ، لا يزال كثير من الناس يربطون المرض بالمس أو الحسد، ما يؤدي إلى تأخير التشخيص والعلاج.
في هذا المقال، نُسلّط الضوء على الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي بشكل علمي وموضوعي، موضحين الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج، مع استعراض دور الطب النفسي والعصبي في التفريق بين الأنواع المختلفة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة المنتشرة في مجتمعاتنا.
ما هو الصرع؟ ولماذا تختلف أسبابه بين عضوية وروحية؟

الصرع هو اضطراب مزمن في كهرباء الدماغ، يؤدي إلى نوبات متكررة قد تظهر على هيئة فقدان وعي أو تشنجات أو تغيّرات سلوكية أو حسّية. تختلف أسبابه بين ما هو عضوي مرتبط بتلف أو خلل في الدماغ، وبين ما هو روحي أو نفسي كما تصفه بعض الثقافات.
عند الحديث عن الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي، لا بد أن نوضح أن الأول يستند إلى تشخيص طبي واضح، بينما الثاني يرتبط بالمعتقدات والتفسيرات الشعبية التي ترد الأعراض إلى المس أو السحر أو العين. هذا الفارق الجوهري يُعد نقطة انطلاق لفهم المرض بشكل علمي.
اقرأ أيضاً: سلوكيات مريض الصرع
الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي: نظرة طبية ونفسية
يتلخّص الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي في:
- الصرع العضوي: هو نتيجة مباشرة لاضطراب في خلايا الدماغ، ويظهر بوضوح في فحوص مثل EEG أو الرنين المغناطيسي.
- الصرع الروحي: يُعتقد أنه ناتج عن تأثيرات خارجة عن الجسد، كالمسّ أو الحسد أو السحر، ولا يظهر له دليل مادي في الفحوص.
الطب النفسي يُصنف أغلب الحالات التي تُوصف بأنها “روحية” ضمن ما يُعرف بالصرع التحولي (الهستيري)، وهو نوع من النوبات الناتجة عن اضطراب نفسي لا عن خلل عضوي. وهنا يظهر الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي مرة أخرى: الأول جسدي بحت، والثاني ذو منشأ نفسي أو ثقافي.
أسباب الصرع العضوي: الخلل العصبي تحت المجهر
من الضروري لفهم الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي أن نتعرّف على الأسباب الفسيولوجية الواضحة للصرع العضوي، ومنها:
- إصابات الدماغ في الطفولة أو نتيجة حوادث.
- أورام دماغية.
- السكتات الدماغية.
- أمراض عصبية وراثية.
- تشوّهات خلقية أو نقص الأكسجين عند الولادة.
في كل هذه الحالات، يمكن للطبيب أن يحدد سبب نوبة الصرع بدقة باستخدام وسائل التشخيص الحديثة، بينما في الحالات “الروحية”، لا يظهر أي خلل واضح. وهنا يتكرر السؤال: ما هو الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي؟ والإجابة تكمن في وجود أو غياب السبب المادي القابل للقياس.
اقرأ أيضاً: أفضل دكتور مخ واعصاب
هل تختلف الأعراض؟ الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي في المظاهر السريرية
نعم، تختلف الأعراض بين النوعين. لنفهم الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي، يمكننا مقارنة النوبات كما يلي:
أعراض الصرع العضوي:
- تشنجات عضلية شديدة.
- فقدان وعي كامل.
- عضّ اللسان.
- تبول لا إرادي.
- نوم عميق بعد النوبة.
أعراض تُنسب للصرع الروحي:
- صراخ مفاجئ.
- تغير نبرة الصوت.
- ردود فعل حادة عند سماع القرآن.
- حركات غير منطقية أو اصطناعية.
- عدم وجود علامات جسدية واضحة بعد النوبة.
في الحالات النفسية، نجد أن الشخص يتفاعل مع ظروف محيطة (ضغوط – صدمات – إيحاءات)، مما يخلق نوبة تبدو للآخرين صرعًا، لكنها في الواقع نوبة نفسية تحوّلية. هذا توضيح دقيق لـ الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي من الناحية الإكلينيكية.
تشخيص الصرع: كيف يميّز الطبيب بين النوعين؟
لفهم الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي تشخيصيًا، يستخدم الأطباء هذه الأدوات:
- تخطيط كهربائي للدماغ EEG: يظهر فيه النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الصرع العضوي.
- التصوير بالرنين MRI: يكتشف الأورام أو التشوهات.
- التقييم النفسي السريري: يكشف عن الصراعات النفسية والضغوط التي قد تفسّر النوبات.
عندما تكون الفحوصات سليمة تمامًا، ويُعاني المريض من نوبات تُشبه الصرع، يرجّح الأطباء أنه صرع نفسي، وليس عضويًا. هذا التمييز جوهري في تحديد الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي في الممارسة الطبية اليومية.
اقرأ أيضاً: أفضل دكتور لعلاج الصرع في مصر
الصرع الروحي في المعتقدات الشعبية: ما بين الحقيقة والوهم
في كثير من المجتمعات العربية والشرقية، لا يزال الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي غير واضح لدى عامة الناس. فعندما يُصاب أحدهم بنوبة حادة أو فقدان مؤقت للوعي أو يبدأ في إصدار أصوات غريبة أو تصرفات غير معتادة، يُفسّر الأمر مباشرة بأنه “مسّ من الجن” أو “عين” أو “سحر”، ويُطلق عليه اصطلاحًا “صرع روحي”.
لكن الواقع العلمي مختلف تمامًا. فالطب الحديث يُخضع هذه الحالات للتقييم باستخدام أدوات دقيقة مثل تخطيط الدماغ (EEG) والتصوير بالرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى التقييم النفسي الإكلينيكي. وغالبًا ما تُشخّص هذه الحالات على أنها صرع نفسي تحويلي أو اضطراب نفسي وظيفي، لا علاقة له بالمس أو السحر.
هنا يظهر مجددًا الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي من حيث المنهجية: الأول يعتمد على تشخيص عصبي عضوي دقيق، أما الثاني فهو تفسير مجتمعي غير مثبت علميًا. التوعية بهذا التمييز ضرورية، لأن الاعتماد على التفسيرات الشعبية فقط قد يؤدي إلى إهمال العلاج الصحيح.
هل يمكن أن يتداخل الصرع العضوي والروحي في الحالة الواحدة؟

نعم، وهذا من أعقد الأمور في ميدان الطب العصبي والنفسي. فقد يبدأ المريض بنوبات حقيقية ناتجة عن صرع عضوي له سبب واضح، مثل ورم أو إصابة دماغية، ثم يتطور الأمر لاحقًا إلى نوبات ذات طابع نفسي نتيجة الخوف من النوبة، أو الشعور بالخجل أو الوصمة الاجتماعية.
وهنا، يصبح التداخل بين النوعين أمرًا واقعيًا، ويصعب التفريق بينهما إلا من خلال تقييم متكامل. ولهذا، يُوصى دومًا بإجراء فحوص شاملة عند ظهور النوبات، لتحديد ما إذا كانت الحالة ناتجة عن نشاط عصبي كهربائي غير طبيعي، أم أنها انعكاس لحالة اضطراب نفسي داخلي.
يتجلّى الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي في هذه الحالة بوضوح عبر استجابة المريض للنوع الصحيح من العلاج، إذ قد يحتاج المصاب إلى دمج العلاج الدوائي مع الدعم النفسي.
اقرأ أيضاً: جراحة الصرع
الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي في الاستجابة للعلاج
من أكبر الأدلة على الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي هو اختلاف استجابة كل نوع للعلاج. فالصرع العضوي يستجيب بشكل ملحوظ للأدوية المضادة للتشنجات مثل ديباكين، تيجريتول، كيبرا، ويظهر تحسن واضح في التحكم بالنوبات مع الالتزام الدوائي.
أما في حالات الصرع الذي يُصنَّف شعبيًا كـ “روحي”، فإن استخدام نفس هذه الأدوية لا يؤدي إلى نتائج تذكر، لأن أصل المشكلة نفسي وليس عصبي. العديد من المرضى الذين لم تتحسن حالتهم على الأدوية، أظهروا استجابة ممتازة عند خضوعهم للعلاج السلوكي المعرفي، أو في بعض الحالات، جلسات نفسية علاجية متخصصة.
وهكذا، فإن الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي في فعالية العلاج، يُعد مؤشراً حقيقياً لتحديد طبيعة المرض. كلما فهم الطبيب والمريض هذا الفارق، سهلت عملية الوصول إلى العلاج المناسب، دون هدر الوقت أو الجهد في مسارات خاطئة
كيف يتعامل الطب الحديث مع الحالات التي يُشتبه أنها صرع روحي؟
الطب الحديث يتعامل باحترام مع المريض، ويبدأ بالتشخيص العضوي، ثم النفسي. يتم التوعية التدريجية للمريض وأسرته، مع توضيح أن:
- الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي لا يعني إنكار الروحانيات، بل هو تحديد السبب بدقة.
- أن الصرع النفسي له علاج فعال.
- أن المريض ليس “ممسوسًا”، بل محتاج إلى دعم نفسي وعلاجي حقيقي.
التوعية المجتمعية: أهمية فهم الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي
التأخر في التشخيص، واللجوء إلى الرقاة والمشعوذين، قد يؤدي إلى فقدان سنوات من حياة المريض. لذلك، نشر الوعي بـ الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي هو أولوية.
علينا أن نُشجّع الأهل على عرض المرضى على طبيب أعصاب، مثل د. أحمد الغيطي، أحد أفضل المتخصصين في تشخيص الصرع العضوي، وتقديم خطة علاجية دقيقة، قبل تصديق أي تفسيرات غير علمية.
اقرأ أيضاً: علامات الشفاء من الصرع
الأسئلة الشائعة حول الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي:
ما هو الفرق بين الصرع العضوي والصرع النفسي؟
العضوي له سبب دماغي واضح. النفسي يُشخّص بغياب الخلل العضوي ووجود ضغوط نفسية.
هل الصرع من أعراض العين؟
ليس دائمًا. كثير من الحالات تُفسَّر شعبيًا على أنها “عين”، لكنها تكون إما صرعًا عضويًا أو نفسيًا.
ما هو علاج الصرع العضوي؟
أدوية مضادة للصرع (مثل كيبرا، ديباكين)، متابعة دورية، وقد يحتاج بعض المرضى لجراحة في حالات خاصة.
علامات الشفاء من الصرع:
- توقف النوبات
- استقرار النشاط الكهربائي في الدماغ
- تقليل الجرعة تدريجيًا بإشراف طبي
فهم الفرق بين الصرع العضوي والصرع الروحي هو مفتاح العلاج الصحيح. لا يُمكن الاعتماد على التفسيرات الشعبية وحدها، بل لا بد من تقييم علمي دقيق يقوده أطباء متخصصون في الأعصاب والطب النفسي.
دكتور أحمد الغيطي
استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري والقسطرة المخية التداخلية.
استشاري جراحة المخ والأعصاب الوظيفية وجراحة الصرع وجراحة الشلل الرعاش بالاستيريوتاكسي.
دكتوراة جراحة المخ والأعصاب – كلية طب القصر العيني – جامعة القاهرة (MD)
زميل البورد الأوروبي للجراحات العصبية (FEBNS)
الزمالة المصرية لجراحة المخ والأعصاب (FEgBNS)
تابعونا على صفحة الفيسبوك من هنا
للاستفسارات والحجز
عيادة المعادي: 26 شارع النصر أعلى فودافون ت/ 01021324575
وعيادة حلوان: 44 شارع المراغي بجوار محطة مترو حلوان ت: 01101001844



